حكم تصرف المرأة في مالها بدون إذن زوجها
📖📚 *من فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي*🌧.
📚 -فتوى رقم( 1638 00).
⚫➖ *السؤال :*
-يا شيخ: أنا امرأة بحمد الله أحب الصدقة، وأعرف فضلها، ولدي من المال الكثير والحمدلله، لكن أحيانا زوجي يمانع من صدقتي، وينهاني أن أتصدق سواء على أخواتي أو على أي من المستحقين والمستحقات، فهل له منعي من التصرف في مالي الخاص؟.
✍🏻➖ *الإجابة :*
◈-قد اتفق الفقهاء على أن للحر البالغ العاقل الرشيد التصرف في ماله مطلقاً، ولم يشترطوا الذكورة، واتفقوا أيضًا على جواز تصرف المرأة في حقها بما فيه مصلحتها، وبما ويعود عليها نفعه، كالمعاوضات من بيع وإجارة… ولا يحق لزوجها التدخل في ذلك.
✿- ووقع الخلاف بين الفقهاء في تصرفها في غير المعاوضات كالصدقة والهبة… والجمهور على جواز تصرفها في مالها كيف شاءت مادامت حرة بالغة عاقلة رشيدة، ولا يجب استئذان زوجها، خلافا للمالكية الذين أجازوا لها التصرف في الثلث وما دونه فقط، وبعضهم منع تصرفها بإطلاق إلا بإذن زوجها، وذلك يخالف قول الله: ﴿وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحلَةً فَإِن طِبنَ لَكُم عَن شَيءٍ مِنهُ نَفسًا فَكُلوهُ هَنيئًا مَريئًا﴾[النساء: ٤]، فقد ملّكهن الله، وجعل طيبة نفوسهن شرطا لجواز الأخذ، وكذا قوله: ﴿وَإِن أَرَدتُمُ استِبدالَ زَوجٍ مَكانَ زَوجٍ وَآتَيتُم إِحداهُنَّ قِنطارًا فَلا تَأخُذوا مِنهُ شَيئًا أَتَأخُذونَهُ بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾[النساء: ٢٠]، فمنع الرجال من أخذ أموال النساء قل أو كثُر، وكذا قوله تعالى: ﴿وَإِن طَلَّقتُموهُنَّ مِن قَبلِ أَن تَمَسّوهُنَّ وَقَد فَرَضتُم لَهُنَّ فَريضَةً فَنِصفُ ما فَرَضتُم إِلّا أَن يَعفونَ أَو يَعفُوَ الَّذي بِيَدِهِ عُقدَةُ النِّكاحِ وَأَن تَعفوا أَقرَبُ لِلتَّقوى وَلا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم إِنَّ اللَّهَ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾[البقرة: ٢٣٧]، فجعل لها سلطة العفو، وإسقاط الحق، وغير ذلك من الآيات العامة والخاصة.
◆-فضلاً عن الأحاديث الصحيحة الواردة في جواز تصرف المرأة في ملكها ومالها بدون مؤاذنة زوجها كقصة أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها وعتقها لمملوكتها، والقصة في المتفق عليه ونصها: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:( أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ : أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي ؟ قَالَ : " أَوَفَعَلْتِ ". قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَ : " أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ ")، وفي صحيح مسلم: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :( إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ نَزَلَ وَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ، وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِينَ النِّسَاءُ صَدَقَةً. قُلْتُ لِعَطَاءٍ : زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ ؟ قَالَ : لَا، وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ بِهَا حِينَئِذٍ، تُلْقِي الْمَرْأَةُ فَتَخَهَا، وَيُلْقِينَ، وَيُلْقِينَ).
وفي رواية لمسلم أيضا: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ - فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ - إِلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ، تَصَدَّقُوا ". فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ". فَقُلْنَ : وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ". ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ - امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ - تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ زَيْنَبُ. فَقَالَ : " أَيُّ الزَّيَانِبِ ؟ " فَقِيلَ : امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ : " نَعَمِ، ائْذَنُوا لَهَا ". فَأُذِنَ لَهَا قَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ : " صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ ").
✺- وأما حديث: (" لا يَجُوزُ لامْرَأَةٍ هِبَةٌ فِي مَالِهَا إِذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا ") رواه أبو داود، فهو محمول على كمال الأدب، وحسن المعاشرة، ولماله من حق عليها لا أنه واجب عليها، ولذا نقول الأفضل أن تشاوره ولايجب، ويوضّح ذلك ما جاء في حديث عند النسائي: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ:( الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَه).
● - فيتبيّن لك من خلال الأدلة السابقة أن لك كامل الحق في التصدق بمالك كله أو بعضه أذِن زوجك أو لم يأذن، علم أم لم يعلم، وليس له أي حق في منعك من التصرف الرشيد بمالك، اللهم إلا أنه من باب الإحسان والعشرة الطيبة الأفضل أن تشاوريه، وإن كان بحاجة لمالك فابدأي به وبأقرب الناس إليك ممن يستحقها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🌍- *للاشتراك* في قناة الفتاوى الشرعية -تليجرام- للشيخ/عبدالله رفيق السوطي، اضغط👇↓
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏
🌐-ويمكنك استفتاء الشيخ، أو الاشتراك في مجموعات الفتاوى الشرعية واتساب، وذلك على رقم الشيخ 👈714256199 -00967.
تعليقات
إرسال تعليق