#فصل_الخطاب في حكم سب الأصحاب⚔
⚔ #فصل_الخطاب في حكم سب الأصحاب⚔
🌴-لقد اتفقت الديانات السماوية أن خير البشر وأفضلهم وأعظمهم وأزكاهم وأخيرهم على الإطلاق بعد الأنبياء هم من صحبوا الأنبياء، وآمنوا بهم، وشاهدوهم، ودافعوا عنهم، وماتوا على ذلك، هذا وهؤلاء الأنبياء دون نبينا ﷺ في الفضل والخيرية والعظمة.. صلوات الله عليهم أجمعين، ولاشك قطعـًا أن نبينا ﷺ أفضلهم وأعظمهم وأخيرهم، بل هو خاتم الأنبياء والمرسلين ﷺ.
💫-ولقد اصطفى الله لنبيه صحابته الكرام، وكرّمهم حين اختارهم لصحبة نبيه ﷺ، وإن أي طعن فيهم، أو تنقّص بهم، أو ازدراء بمنزلتهم، إنما هو طعن وتنقّص وازدراء بـالنبي ﷺ الذي جعلهم أصحابه، وارتضاهم لنفسه أتباعا، وبئس الرجل يصاحب أصدقاء السوء، كيف ونبينا ﷺ قد قال محذّراً:( الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ )، وإن أي طعن فيهم هو طعن وتكذيب صريح بآيات اللهﷻ، ولرب العالمين سبحانه الذي زكّاهم في كتابه الكريم الذي: ﴿لا يَأتيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلفِهِ تَنزيلٌ مِن حَكيمٍ حَميدٍ﴾[فصلت: ٤٢]، وكثير جداً، ومن ذلك أن اللّه رد إيمان الأمة إلى إيمانهم فقال: ﴿فَإِن آمَنوا بِمِثلِ ما آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهتَدَوا وَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّما هُم في شِقاقٍ فَسَيَكفيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ﴾[البقرة: ١٣٧]، ونَعَم والله هذا ما وعدنا الله في من سب أصحاب نبينا ﷺ وأحبابه أن يكفيناهم اللهﷻ، ثم قد أظهر الله للأمة جميعـًا رضاه عنهم، وسجّل رضاه لا في سنة نبيه ﷺ وحسب بل في كتابه الكريم، وفي آيات منه لا في آية فقط، ومن ذلك قولهﷻ: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]، فتجد في هذه الآية أن اللهﷻ زكّى بواطنهم وما في قلوبهم، وهذا لا يعلمه إلا الله؛ لذا ترضّى عنهم رضوان الله عليهم، وقال تعالى واصفا لحال جميعهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29]، وإني بك راحم، وعليك مشفق من أن تكون ممن يغيظهم أصحاب رسول اللّه ﷺ، وللعلم فـقد استـنبط الإمام مالك من الآية السابقة-ووافقه الإمام الشافعي وغيره-: كُفْرَ من يبغضون الصحابة؛ لأن الصحابة يغيظون الكفّار كما أخبر الله، ومن غاظه الصحابة فهو كافر.
💧-ولقد قال اللهﷻ: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، قال ابن تيمية:"فرَضِيَ عن السابقين عن غير اشتراط إحسان، ولم يرضَ عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان"؛ اهـ، وقالﷻ: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: 1]، وقد استدل ابن حزم بهذه الآية على: "أن الصحابة جميعًا من أهل الجنة؛ لقولهﷻ: ﴿ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: 10]، والآيات أكثر من أن تحصر هنا، وفيما سبق كفاية لقوم يعقلون ويؤمنون.
🕯-ثم هل تتخيل أن من قدّم نفسه وماله وفتح الشرق والغرب يكون منحط القدر خائنا لدينه وأمته! لا والله لا أحسب عاقلا يعتقد أو يتفوه لسانه بذلك، ولا والله لولا صحابة رسول الله ﷺ -بعد الله- لما كان للإسلام ذكر الآن ولا وجود أصلا، لاسيما وقد وقعت الردة العامة للأعراب، والإسلام محارب من أعظم إمبراطوريات الدنيا آنذاك.
📍- ولتكن على يقين: أن أي جرح فيهم-رضوان الله عليهم- هو جرح في الوحيين -الكتاب والسنة- فهم نقلتهما، وعنهما نحدث ونتلقّى، بل نحن حسنة من حسناتهم، وهو طعن في الأمة واتهام لها بعدم عدالتها وصدقها، واجتماعها على ضلالة بتزكيتهم وحبهم لصحابة رسول اللّهﷺ!.
🏷-وهنا لا يفوتني أن أنقل شهادة أحدهم، ومن خَبِرهم، وهو من زكّاه رسول اللّه ﷺ وكثيرا وهو عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (من كان منكم متأسيًا، فليتأسَّ بأصحاب محمد ﷺ؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ﷺ، وإقامة دينه؛ فاعرِفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).
🔍-وكما أثنى الله على الصحابة، فكذلك أثنى عليهم النبيﷺ؛ فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه: أن النبيﷺ قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، وعند مسلم: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قالﷺ: ((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أنا أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون))، كما نهى عن سبِّهم، وحذّر من الطعن فيهم، ففي الحديث المتفق عليه: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: ((لا تسبوا أصحابي؛ فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا، ما بلغ مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه)، وفي الصحيح: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قالﷺ: (مَن سب أصحابي، فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين)، وفي حديث صحيح آخر عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبيﷺ قال: ((لعن اللهُ من سب أصحابي))، وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: ((إذا ذُكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذُكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذُكر القدر فأمسكوا)).
🔥-ولذا العلماء اختلفوا في تكفير من سب صحابة رسول الله ﷺوتفسيقه وقتله وتعزيره، بعد الاتفاق أن سبهم كبيرة من كبائر الذنوب، وإذا كان النبي ﷺقد جعل سباب أي مسلم من الفسوق، فكيف بصحابة رسول اللّهﷺ، وإني لأربأ بنفسي ونفسك أن نكون يوم القيامة خصماء لأصحاب رسول الله ﷺ، بل لرسول الله ﷺنفسه، ثم طاعتنا أقل من أن نسخرها لشتم وسب الآخرين فضلاً عن صحابة رسول الله ﷺ.
⭕-وأخيرا أختم بغضـبة واحدة لرسول اللهﷺ لصحابي لمّا أوذي مرةً، والحديث في البخاري نصّه: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ : " أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ " فَسَلَّمَ، وَقَالَ : إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي، فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ : " يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ " ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ : أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ ؟ فَقَالُوا : لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ ﷺ يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ : (" إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ ؛ فَقُلْتُمْ : كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي ؟ " مَرَّتَيْنِ، فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا).
‼-فقل لي بربك يا من تسب صحابة رسول اللهﷺ: هل تستطيع مواجهة غضب النبيﷺ، وتتحمّله، وهل لك قدرة في مخاصمة رسول الله على صحابته، ويكون هو خصمك عن صحابته في ذلك، فأسألك بربك ما أنت صانع، كيف ستواجه، وما الحيلة، وهل أعددت للسؤال جوابا صوابا.
ولا والله لا أحسب عاقلا تجرؤ نفسه لأن يكون خصمه رسول الله ﷺخير وأفضل وأعظم وأقرب خلق الله إلى الله، فالنجاء النجاء.
﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏
◈- *من منشورات قناة فتاوى الشيخ/عبدالله رفيق السوطي على تليجرام.*
*للاشتراك اضغط↓👇*
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
تعليقات
إرسال تعليق