حكم العمل في شركة جوسيال
*حكم العمل في شركة جوسيال jocial*
✍️- كتبه الشيخ/ عبدالله رفيق السوطي، الأستاذ الجامعي، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
❁- أولًا: - تمهيد-:
لا ريب أن وسائل الكسب قد تطوّرت، وأن الإسلام منفتح جدًا مع العمل، بل ويحث أتباعه عليه، وفوق هذا فقد جعله قرينـًا للجهاد في سبيل الله: ﴿ وَآخَرونَ يَضرِبونَ فِي الأَرضِ يَبتَغونَ مِن فَضلِ اللَّهِ وَآخَرونَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ ﴾[المزمل: ٢٠]، ومن اعتناء الإسلام به أنه ﷺ اختط سوقـًا بالمدينة في أول مقدمه إليها… لكن لم يترك الأمر هملًا، ولا سدى بلا قيد، ولا ضابط، لا وألف لا بل جعل الشارع الحكيم لكل معاملة حكمـًا، حتى أن الإمام الغزالي رحمه الله نقل إجماع الفقهاء على حرمة الدخول في عمل ما إلا بعد الإحاطة بأحكامه، هذا في زمنه الذي كان الناس فيه أعظم ورعـًا، وأكثر تقى، والمعاملات المالية قليلة، ومحصورة، فماذا نقول عن زماننا وما فيه… خاصة ونحن نتحدث هنا عن الجانب المعاملاتي الذي الولوج فيه خطير غاية الخطورة، وشديد لا يوصف، حتى أن الفقهاء قالوا: تسعة أعشار الحرام من المال، لكن أصبحنا في زمن - للأسف - لا يهتم كثير من المسلمين إلا بملئ جيوبهم، وإشباع بطونهم، وقضاء شهواتهم، والتبجّح بما لديهم، ويصدق فيهم قوله ﷺ: " يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام " رواه البخاري، وابتعدوا - إلا من رحم ربك- عن الورع، واجتناب الشبهات، وأقدم كثير منهم على الشهوات خاصة المالية بينما نبيهم ﷺ قد أرشدهم بقوله ﷺ: (اجعلوا بينكم وبين الحرام سترًا من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه، ومن ارتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه، وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله في الأرض محارمه) رواه ابن حبان والطبراني وصحّحه الألباني، وما كان منه ﷺ هذا الإرشاد إلا؛ لأن بين الحلال والحرام شعرة، فضلًا عن الاشتباه الحاصل بينهما والذي يصبح الحليم حيران ففي البخاري ومسلم قال ﷺ : ( الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا و إن حمى الله تعالى في أرضه محارمه)، وكان توجيه ﷺ في مثل هذه المدلهمات هو ترك ما يريب فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله ﷺ: " دع ما يريبك، إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة " رواه أحمد، والترمذي، والنسائي وغيرهم، وجعل ذلك ﷺ طريق التقوى فقال: ( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به؛ حذرًا مما به بأس) رواه الترمذي، والبيهقي، والحاكم وصحّحه، وكل ذلك لأنه ﷺ أبان أيضًا: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني وصحّحه الألباني، وأخيرًا فهذا ربنا ﷻ سوّى في الخطاب بين الرسل، والمؤمنين في مجال الكسب، وتحري الحلال دائمـًا ففي صحيح مسلم وغيره قال ﷺ: " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبـًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا)، وقال: ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟!" رواه مسلم.
✾- ثانيـًا:
وما دمت علمت ما سبق فقد حان لي أن أبدأ في تقرير ما أريد فأقول والله أعلم: إن العمل الذي أشار إليه السائل هنا، والذي سُئلت عنه في الفترة الأخيرة عشرات المرات، واطلعت على إعلانات، ومعلومات، وبحثت فيها لمدة أسبوع ويزيد، واستشرت واستفصلت من بعض أهل الاختصاص، فخرجت بنتائج عديدة، ورأيت أن العمل في هذه الشركة يكتنفه إشكالات كثيرة، وجهالات كبيرة، ومحرمات عديدة أسرد منها ما يلي:
1- هذا المال المدفوع من قبل المشترك ليس تحته أي شراكة حقيقية، وأقرب ما يمكن نصوّره به: بأنه عبارة عن قرض ربوي، دفع المشترك للشركة قرضـًا في صورة باقة أسبوعية أو شهرية…ثم ردت الشركة إليه أكثر منه، فهو ربـًا من هذه الناحية أولًا.
2- الربح فيها مضمون، وقد حددته الشركة سلفـًا قبل أن ينضم الشخص إليها أصلًا، وهذا شرعـًا لا يحل، بل ويبطل عقد الشراكة عند عامة الفقهاء، وهي وإن سُميت شركة، وشريك…فهو ربا.
3- أما الإعلانات تلك المزعومة فإنما هي حيلة، ووهم، ولا تستفيد الشركة منها شيئًا، ولا تجر لها منفعة كبيرة، حتى أن الشركة صراحة تنص على عدم ضرورة أي متابع لهذا الحساب للمشترك، والأهم أن ينشر فقط، ولا تهمهم أي متابعة، وهذا ما يؤكد ما سبق في (1).
4- ومن جهة أخرى ومهمة فإن هذه الشركة وأمثالها إنما هي أداة لحرب اقتصادية، واستنزاف أموال السذّج في الدول الأقل فقرًا، ونموًا، فتعمل على سحب السيولة من العملات الصعبة في البلدان الفقيرة تلك، ثم لو رُدت بعض العوائد لهؤلاء فهي كالطعم ليتم صيد غيرهم إليها حسب نظرية أو بالأصح حيلة بونزي.
5- قد نفترص أن المشترك لديهم أشبه بأجير، وغير محددة أجرته تحديدًا صريحـًا، وإنما حسب عمله؛ فكلما نشر أكثر زادت أمواله لديهم، فهو واقع في جهالة، والإجارة لا بد فيها من تحديد مبلغ مقطوع، هذا ثانيـًا.
6- العمل في هذه الشركة دَخَله التسويق الهرمي المحرّم، والذي الغرض الأساس منه هو التكسّب من وراء الأعضاء الجدد، وليست السلعة مقصودة إلا عرضـًا؛ فالمتاجرة هنا بالبشر لا بالسلع؛ إذ يصبح الإنسان هو السلعة الحقيقية كما سبق فيه فتوى رقم 1541 وأبرز شركة تعمل فيه شركة dxn، وفي هذه الشركة وأمثالها أكل أموال الناس بغير حق صراحة، وربنا يقول: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَأكُلوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ ﴾[النساء: ٢٩]، ويقول: ﴿وَلا تَأكُلوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ وَتُدلوا بِها إِلَى الحُكّامِ لِتَأكُلوا فَريقًا مِن أَموالِ النّاسِ بِالإِثمِ وَأَنتُم تَعلَمونَ﴾[البقرة: ١٨٨].
7- قد يدخل العمل مع هذه الشركة في القمار (الميسر) المحرم في كتاب الله، وذلك من جهة دفع اشتراكات مالية لا يدري هل تعود إليه بأقل أو بأكثر، أو لا تعود إليه أصلًا؛ فالشركة غير مضمونة الجهة، والرد، والموقع، ولا يمكن الوصول إليها عادة…وكله وهم في وهم، وإن كتبوا زورًا أسماءهم الوهمية، وعناوينهم الكاذبة، حتى إن بعض السائلين أوضحوا لي أنهم أرادوا الانسحاب من الشركة، وطالبوا بما دفعوا، فتفاجأوا أن الشركة لم ترد لهم شيئًا، فلا جهة تضمن، ولا دولة تتابع، ولا حكومات تراقب، ولا قوانين تحكم، ولا اعتماد لها يذكر، وكلها جهالات لا يحل واحد منها فكيف بها مجتمعة، وكل شراكة قامت على جهالة فالأصل فيها البطلان.
❀- ثالثـًا:
تبيّن من خلال ما سبق أنه لا يحل لمسلم الاشتراك في هذه الشركة وأمثالها، وأن مصير أموالهم فيها كمصير أموالهم في تلك الشركات الوهمية التي كتبْتُ فيها كتابات عديدة، وكان يشكك في أقوالنا الكثير، ثم ظهر كذب تلك الشركات، وزيفها، ودجلها لكل ذي عين، واختفت مليارات الريالات في غمضة عين!.
❃- رابعـًا وأخيرًا:
لو لم يرق لمسلم القول بالتحريم فادعوه، ثم ادعوه، ثم ادعوه لقراءة أولًا -تمهيد-.
والله أعلم.
┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━┅┉┈
كتبه/
#عبداللّه_رفيق_السوطي
الأسـتـاذ الجامعي، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين…
*لمتابعة قناتي للفتاوى الشرعية -تليجرام- اضغط👇*
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
👍- *وللإعجاب بصفحتي العامة فيسبوك👇:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
👍- *ولمتابعة صفحتي الخاصة فيسبوك👇:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
تعليقات
إرسال تعليق