أحكام الأضحية
📚🐪 *أحكام الأضحية*🐑 📚
🖊 ◈- *من منشورات قناة فتاوى* *الشيخ/عبدالله رفيق السوطي ، على تليجرام.*
*للاشتراك↓👇*
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
-الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فالأضحية من شعائر الإسلام العظيمة , والعبادات الجليلة التي اهتم بها الفقه الإسلامي أيما اهتمام , فلذا كان لا بدّ للمسلم أن يهتم بأمرها ويعظّم شأنها وذلك بالعلم بأهم أحكامها ؛ حتى لا يقع في أخطاء شرعية تُبطل تلك العبادة , أو تنقص أجرها , وسوف أذكر لك-أخي القارئ العزيز- أهم أحكامها فيما أحسب- واعتمدت كثيراً في ذكر هذه المسائل على أسئلة السائلين , سواء في مجموعات الفتاوى الشرعية على الوتساب , أو رقمي بالخاص واتس أو تليجرام- ولنبدأ باسم الله:
💧 *تعريف الأضحية*
-الأضحية : هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام ( الإبل والبقر والغنم ) تقرباً إلى الله تعالى , من بعد صلاة عيد النحر إلى آخر أيام التشريق (يوم الثالث عشر من ذي الحجة ) , بنية الأضحية.
🚦 *تنبيه:*💡
-يجب أن يتنبه المسلم لتجديد نيته – في كل عبادة وهنا في الأضحية خاصة- فلا تتحوّل العبادات إلى عادات فلا ينتفع بها العبد , ولا يجد حلاوة الإيمان في العمل بأمر الله , ولا يؤجر على فعله , وليتنبه لقول الله هنا:﴿لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـكِن يَنَالُهُ التَّـقْوَى مِنكُمْ﴾ , ومن قوله : ﴿وَلَـكِن يَنَالُهُ الـتَّـقْوَى مِنكُمْ﴾ ففيها تنبيه واضح لعباده بتجديد نواياهم وابتغاء مرضاة الله في ذلك لا غيره من هوى أو بشر...., وليعلموا جيداً أنه يجب أن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخراً، ولا رياءً ولا سمعة ولا غير ذاك ، ولا مـجـرد عـادة مجتمعية كل عام.
🐪 *فضلُ الأضحية:*
-وردَت أحاديث ضعيفة في فضلِها منها ما روتْه عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما عمل آدمي مِن عملٍ يوم النحر أحبُّ إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقُرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقَع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطِيبوا بها نفسًا))؛ أخرجه الترمذي وابن ماجه بسند ضعيف.
-ولا يَثبُت حديث صحيح في فضل الأضحية ، كما قال غير واحد من أهل العلم منهم الإمام ابن العربي المالكي .
لكن لاريب أن الله - عز وجل - يُعطي الأجر العظيم لمن استجاب له فأطاعه , لكن لم يثبت فيها أجر خاص، فيكون مقدار الأجر في عِلم الله تعالى كالصوم والصبر..
ولهذا كان من المناسب جداً ان أذكر بعض الأحاديث التي لا تصح , لكن تنتشر بين الناس خاصة مع توفّر وسائل التواصل حالياً فما من مناسبة إلا وتُنشر كل موضوعاتها...
🔎 *أحاديث لا تصح في الأضحية:*
1- ما سبق من حديث: ((ما عمل آدمي مِن عملٍ يوم النحر أحبُّ إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقُرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقَع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطِيبوا بها نفسًا))؛ أخرجه الترمذي وابن ماجه بسند ضعيف.
2- وكذلك : "يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم. قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف يا رسول الله؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة".
3- وكذلك: "يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بكل قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك. قالت: يا رسول الله ألنا خاصة آل البيت أو لنا وللمسلمين؟ قال: بل لنا وللمسلمين".
4- وكذلك: "استفرهوا –وفي رواية- عظّموا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط - وفي رواية – على الصراط مطاياكم – وفي رواية – إنها مطاياكم إلى الجنة".
5- وكذلك: "من ضحّى طيبة بها نفسه محتسبا لأضحيته كانت له حجابا من النار".
6- وكذلك: "إن الله يعتق بكل عضو من الضحية عضوا من المضحّي - وفي رواية - يعتق بكل جزء من الأضحية جزءاً من المضحّي من النار".
7- وكذلك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحّى ليلاً".
🗓 *ما يستحب اجتنابه في العشر من أراد أن يضحي:*
-دلّت السنة على أن من أراد التضحية فيسنّ له - وقيل يجب عليه وسيأتي- أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره وبشرته من دخول العشر إلى أن يذبح أضحيته ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره حتى يضحّي » وفي رواية :« فلا يمسّ من شعره وبشرته شيئاً » أخرجه مسلم.
-قيل الحكمة من نهي المضحّي عن أخذ ذلك : أنه لما كان مشابهاً للمُحْرم في بعض أعمال النسك (وهو التقرب إلى الله بذبح النسك) أُعْطي بعض أحكامه ، وكذلك يوفّر شعره وأظفاره إلى حين ذبح أضحيته رجاء أن يعتقه الله كلّه من النار.
-ومن أخذ من شعره أو ظفره أول العشر لعدم إرادته الأضحية ثم أرادها في أثناء العشْر أمسك من حين الإرادة حتى يضحّي , والحكم متعلق بالمضحّي فقط دون أهل بيته ممن سيضحّي عنهم ، وسواء ذبح بنفسه او وكَّل غيره , أما الوكيل فلا يتعلق به نهي ، فإن النهي خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه كما دل عليه الحديث : (وأراد أحدكم أن يضحّي) ، وأما من يضحي عن غيره بوصية أو وكالة فهذا لا يشمله النهي كما سبق.
-ومن كان له أضحية ثم عزم على الحج فإنه لا يأخذ من شعره وظفره إذا أراد الإحرام ؛ لأن هذا سنة عند الحاجة , لكن إن كان متمتعاً قصّر من شعره عند الانتهاء من عمرته.
📖 *خلاف الفقهاء في حكم الأخذ* 🔖
-(قال الإمام النووي: قال سعيد بن المسيب، وربيعة، وأحمد، وإسحاق، وداود، وبعض أصحاب الشافعي: إنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية، وقال الشافعي وأصحابه: هو مكروه كراهة تنزيه، وقال أبو حنيفة: يكره، واختلفت الرواية عن مالك) أ. هـ.
- *والراجح* أن ترك الأخذ سنة نبوية , والأخذ من الشعر أو البشر أو الظفر قبل أن يضحي وبعد دخول العشر مكروه , لكن لا يعني ذلك فساد الأضحية بإجماع الفقهاء, لا كما يظن بعض العوام: أن من أخذ من شعره أو بشره فلا أضحية له ولا تصح منه, ( وقد وردتني أسئلة متعددة بنحو هذا الكلام فليتنبه له).
( *يُراجع منشوري أحكام العشر من ذي الحجة وفضائلها* ).
📚 *حكم الأضحية* 🐄
-أجمع الفقهاء على مشروعية الأضحية وأنها شعيرة من شعائر الإسلام , وإذا تركها أهل بلد عن قدرة عليها , وعدم إيمان بها قوتلوا عليها ؛ لأنها من شعائر الإسلام , ثم اختلفوا في حكمها: فذهب جمهور الفقهاء –المالكية والشافعية والحنابلة- أنها سنة مؤكدة ( لكن صرّح كثير منهم بأنه يُكره تركها للقادر عليها ) ، - وذهب لوجوبها الأوزاعي والليث وأبو حنيفة وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد , وأحد القولين في مذهب مالك ، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من المحققين ( *وهو الراجح لمن وجد سعة* ) ، واستدل أصحاب هذا القول بما يلي :
1- قوله تعالى : ( فصلٍّ لربك وانحر ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : "الصلاة: المَكتوبة، والنحر: النُّسُك والذبحُ يومَ الأضحى" ، وكلمة (فصلٍّ) فعل أمر , والأمر يقتضي الوجوب كما هو معلوم في أصول الفقه.
2- حديث جندب رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله » رواه مسلم , فهنا أمر بالإعادة (فليذبح) .
3- قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: « من وجد سعة فلم يضحِ فلا يقربنّ مصلانا » رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم والألباني , فنهى من لم يضحٍّ من الصلاة زجراً له .
4- وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناس، إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية))؛ أخرجه أحمد وأصحاب السنن , فكل هذه الأحاديث يُفهم منها الأمر لا الندب.
-واستدل الجمهور بما يلي:
1- عن جابر - رضي الله عنه - قال: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأضحى بالمُصلّى، فلمَّا قضى خطبته نزل من منبره، وأتى بكبش فذبَحه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((بسم الله، والله أكبر، اللهمَّ هذا عني وعمَّن لم يُضحِّ من أمتي))؛ أخرجه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه في الأضاحي، بسند صحيح.
قالوا: فمَن لم يُضحِّ مِنا،فقد كفاهُ تضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - وناهيكَ بها أضحيةً , والرد عليهم: أن ذلك عن من لم يجد مالاً ليضحي .
2- حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دخلَت العشر، وأراد أحدُكم أن يُضحِّي، فلا يمسَّنَّ مِن شَعره وبشَرِه شيئًا))؛ أخرجه مسلم، قالوا: عُلِّق الذبح على الإرادة، والواجب لا يُعلَّق على الإرادة , والرد عليهم: أن التعليق بالإرادة يكون في الواجبات كقول الله:( لمن شاء منكم أن يستقيم) , وقوله: ( إذا قمتم للصلاة فاغسلوا وجوهكم...) الآية يعني : إذا أردتم القيام للصلاة...وغيرهما في القرآن والسنة.
🐐🐪 *شروط الأضحية المجزئة:*🐂🐑
-كما هي العادة في العبادات فلابد من أن تسبق بشروط وضوابط معلومة , فللأضحية شروط بينها العلماء وهي:
1- القدرة: بأن يكون صاحبها قادراً على ثمنها , فمن لم يجد فلا يجب عليه أن يتسلف مادام وأنه لن يستطيع الرد أو يصعب عليه ذلك , ومن كلّف نفسه فتسلف فهي مقبولة منه , ثم هنا وللظروف التي تمر بها بعض البلاد الإسلامية خاصة بلادنا العزيزة اليمن المكلومة: فلا قلق ولا حزن على الفقير إن لم يضحٍّ ؛ فقد ضحّى عنه النبي عليه الصلاة والسلام ونِعْم بها أضحية , كما في الصحيح قال: (اللهم هذا عني وعن من لم يضحٍّ من أمتي) , فلا يجوز له أن يكلّف نفسه فيستدين مادام يعسر عليه السداد , أما من كان قادراً على السداد فيجوز له شراء الأضحية دَيْناً ، ومن كانت عليه ديون وتزاحم الدَيْن مع الأضحية فالمقدّم سداد الدين ؛ لأنه أبرأ للذمة , وحق المخلوق , بينما الأضحية حق الخالق وحق الله مبنياً على العفو..
2-أن تكون من بهيمة الأنعام ( الغنم , الضأن , البقر , الإبل) , ولا تجزئ غيرها بالإجماع.
3- أن تكون في السن المعتبر شرعاً : ستة أشهر في الضأن (جذعة) إن لم يجد سواها , وفي الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) رواه مسلم , والجذعة من الضأن مالها ستة أشهر كما سبق, ولا يجزئ ما دون ذلك من الضأن , ولا ما دون الثني من بقية بهيمة الأنعام(وهي المسنة التي شرطها الحديث) :
• والثنيُّ مِن المعز: ما بلغ سنَة ودخَل في الثانية.
• والثنيُّ من البقر: ما أتمَّ سنتَين ودخَل في الثالثة.
• والثنيُّ مِن الإبل: ما أتمَّ خمس سنين ودخل في السادسة.
• ولا يجزئ أقل من ذلك , ويجزئ - بلا شك - ما هو أكبر.
3- أن تكون خالية من العيوب ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « أربع لا يجزين في الأضاحي ، العوراء البين عورها ، المريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والعجفاء التي لا تنقي » صحيح ، وفي رواية: في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ماذا يُتَّقى من الضحايا؟ فأشار بيده، وقال: ((أربعٌ: العرجاء البيِّن ظلعها، والعوراء البيِّن عوَرها، والمريضة البيِّن مرَضُها، والعجفاء التي لا تنقي))؛ -أخرجه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح.
(قال ابن عبد البر: أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجمع عليها؛ لا أعلم خلافًا بين العلماء فيها، ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها، فإذا كانت العلة في ذلك قائمة، ألا ترى أن العوراء إذا لم تجز في الضحايا فالعمياء أحرى ألا تجوز, وإذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرجل أحرى ألا تجوز، وكذلك ما كان مثل ذلك كله) أ. هـ.
-والأضحية قربة إلى الله ، والله طيب لا يقبل إلا طيباً ، (ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ).
• والعيب الخفيف في الضحايا مَعفوٌّ عنه , وكذا ما كان من أصل خلقته كالكباش الخارجية مقطوعة الذيل( الاسترالية) , وكذا ما لا يؤثر في اللحم , وكذلك ما تعيبت لديه بعد شرائه لها سليمة بشرط بدون تقصير منه فله أن يضحي بها ولو تعيبت, وإن خرج من الخلاف وباعها واشترى أفضل منها فهو خير وأفضل ما لم يكلّف على نفسه.
4-أن تكون في الوقت المحدد شرعاَ , وهذا الوقت هو: من بعد صلاة العيد، (وليس من بعد دخول وقت الصلاة) , إلى قبل مغيب شمس آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من أيام ذي الحجة , فإن ذُبحت قبل الوقت المحدد أو بعده لم تُجزئ.
وقد اتَّفق الفقهاء - رحمهم الله - على أن أفضل وقت التضحية هو يوم العيد قبل زوال الشمس؛ لأنه هو السنَّة؛ لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نُصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سُنَّتنا، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحمٌ قدَّمه لأهلِه، ليس من النسك في شيء))؛ متفق عليه.
كما أنهم اتَّفقوا على أن الذبح قبل الصلاة أو في ليلة العيد لا يَجوز ولا تجزئ عنه أضحية وإنما هي لحم أطعمه أهله ؛ كما ورد في الحديث الصحيح السابق ، وحديث جندب بن سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان ذبح أضحيته قبل أن يُصلي - أو نصلي - فليذبح مكانها أخرى))؛ متفق عليه.
-ولا مانع من الذبح في الأيام التي مرت نهـاراً أو ليـلاً –على الراجح- وكره جمهور الفقهاء الذبح بالليل لكن لا دليل لهم.
⌚ *آخِرُ وقت لذبح الأضحية*
-وما تقدّم من أن وقت الذبح يستمر يوم العيد وثلاثة أيام بعده هو مذهب الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والأوزاعي والشافعي -وهو الراجح ورجحه ابن تيمية وابن القيم- , وذهب جمهور الفقهاء- الحنفية، والمالكية، والحنابلة- أن وقت الأضحية يوم العيد ويومان بعده.
🕹 *فضل الذبح على التصدّق بالقيمة*
ذهب جماهير الفقهاء إلى أن ذبح الأضحية والتصدق بلحمها أفضل من التصدق بقيمتها ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحّى مع وجود فقراء في زمنه , ولا يفعل إلا ما هو أولى وأفضل ولاشك بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
🐑🐐 *الأضحية بالخصي:*
-عن عائشة وأبي هريرة، رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يُضحّي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين (خصيين)، فذبح أحدهما عن أمته ، وذبح الآخر عن محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم).
🐂 *سُنّة استحسان الأضحية واستسمانها*
-(قال ابن القيم: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم، اختيار الأضحية واستحسانها وسلامتها من العيوب)، قال بعض السلف: لا يهدي أحدكم لله تعالى ما يستحي أن يهديه لكريمه، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 267] , ولذا ذُكر عن السلف أنهم كانوا يستسمنون أضاحيهم.
🐑🐐 *الأفضل من بهيمة الأنعام* 🐂🐪
-اختلف الفقهاء في الأفضل من بهيمة الأنعام ،فذهب الشافعي إلى تفضيل الإبل، ثم البقر، ثم الكباش، وأما مالك فوافق الشافعي في الهدي، وقال بعكس ذلك في الأضحية، ففضّل الكباش، ثم البقر، ثم الإبل، ولعل سبب اختلافهم: ورود حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بالكباش؛ ولأن الله فدى إسماعيل بذبح عظيم وهو الكبش كما هو الراجح وما عليه الجمهور , ومن فضّل الإبل ثم البقر ثم الكباش(الشافعي) فنظر إلى الأكثر لحماً وأغلى قيمة , لكن الراجح خلافه ؛ لما مر من فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام ؛ وكونها أفضل لحماً كما هو المعروف.
-والأفضل في الأضاحي الذكر دون الأنثى – إلا الماعز-.
🗡 *الأحق بالذبح*
-يستحب للمضحي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح؛ لأنه عبادة وقربة، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث ذبح أضحيته بنفسه، وذبح هديه، وإن لم يتولَ ذبحه بيده، فالأفضل أن يحضر عند ذبحه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة: (احضري أضحيتك يغفر لكِ بأول قطرة من دمها) , وهكذا فعل عليه الصلاة والسلام لما وكّل علياً في الهدي.
🚦 *تنبيه:*
-الحكم عام للرجال والنساء , و ذبيحة المرأة حلال -لا كما ينتشر جهلاً- سواء كان ذلك بحضرة رجال الدار أو بغيبتهم مادامت تحسن الذبح , ولا فرق بين أن تكون حائضاً أو على طهر.
🔪 *كيفية ذبح الأضحية*
-يستحب أن تنحر الإبل مستقبلة القبلة قائمة معقولة اليد اليسرى , والبقر والغنم يضجعها على شقها الأيسر(والمقصود من ذلك راحة البهيمة) مستقبلاً بها القبلة، ويضع رجله على رقبتها حين الذبح , وأما أيديها وأرجلها: فإن الأحسن أن تبقى مطلقة غير ممسوكة , إن كان ذلك أرْيح لها ،و ذلك أبلغ في إخراج الدم منها ؛لأن الدم مع الحركة يخرج أكثر، فهذا أفضل, ثم يقول:( بسم الله، والله أكبر، اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك) , ولا صحة لما ذهب إليه الهادوية من الزيدية من قول عند ذبح الأضحية : (الحمد لله الذي هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام) , وهو من انفراداتهم.
📝 *من آداب الذبح*
-إذا أراد الذبح فإنه مطالب بأمور:
- أن يذبح بسكـين حـادة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {وإذا ذبـحتم فأحسنوا الـذِّبحة، ولْـيُحدَّ أحدكم شفرته، ولْيُرح ذبيحته} [رواه مسلم].
- ألا يحد شفرته وهي تنظر، وفي الصحيح عن ابن عباس:( أن رجلا أضجع شاة وهو يُحِد شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:{أتريد أن تميتها موتــتين! هلّا أحْددت شفرتك قبل أن تُضجـعها!}) , وأيضاً: لا يذبحها والأخرى تنظر؛ لأنها تعرف مصيرها فتخاف.
- ومن الآداب سـحب الذبيحة برفق: فعن محمد بن سيرين: أن عمراً رضي الله عنه رأى رجلاً يجر شاة ليذبحها، فضربه بالـدرة وقال: «سُقها - لا أم لك- إلى الموت سَوقاً جميلا». رواه البيهقي.
- ومن السنة الذبح إلى القبلة , (وما سبق عام في كل ذبح أضحية أو لا) .
- ويقال عند الذبح ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أن ذبح كبشيْن أقرنيْن أملحيْن مَوجوءيْن في أضحيته، فلما وجههما قال:{إني وجهتُ وجهيَ للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً على ملة إبراهيم، وما أنا من المشركين، قل إن صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرِتُ، وأنا أولُ المسلمين، اللهم منك ولك} والحديث في صحيح سنن أبي داود , وورد قول : باسم الله، والله أكبر، اللّهم إن هذا منك ولك، اللهم تقبل مني.
🐪 *تقسيم الأضحية*
-يستحب أن يأكل ثلثًاً ويتصدق بثلث ويهدي بثلث – استحباباً- قاله ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم ، وهو ما استحبه جمهور الفقهاء , والأمر يعود للمضحي نفسه فإذا كان الفقراء بحاجة ماسة فالمستحب في حقه أن يجعل لهم ثلثي الأضحية وثلث له , ولا هدية في حقه وهكذا.
-ولا بد من أن يأكل المضحّي من أضحيته ولو قليلاً؛ لينال بركتها , وفي الصحيح قال عليه الصلاة والسلام :{إذا ضحّى أحدكم فلْيأكل من أضحيته} صححه الألباني ؛ ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لما حج حجة الوداع أهدى ثلاثاً وستين بَدَنة، ونحرها بيده عليه السلام، ثم وكَّل علياً بأن يوزعها على الفقراء والمساكين، وأن يهيأ له من كل واحدة منها قطعة، ويطبخ ذلك ليأكل منه.
-واختار بعض الفقهاء أن يكون الأكل من الكبد ؛ لأنه أخف وأسرع نضجاً ، لكن ليس من باب التعبد.
🐑 *هبة الأضاحي للمحتاجين ليضحوا بها:*
-قد ثبت في البخاري:( أن النبي صلى الله عليه وسلم قسّم ضحايا بين أصحابه) , ففيه دلالة على جواز توزيع أهل الغنى ضحايا على المعوزين لأجل أن يضحوا بها , ولهم الأجر مرتين , وهذه دعوة لكل من يستطيع أن يفعل ذلك فلا يبخل على نفسه من أن ينقذها من النار , وفي المتفق عليه: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) , هذا شق تمرة ينجي من النار فكيف بالكيلو وأكثر منه للفقراء .
📿 *إعطاء الأضحية للجمعيات الخيرية:*
-يجوز إعطاء الأضحية للجمعيات الخيرية لتصرفها على الفقراء –إن كانت تفعل-، لكن الأفضل أن يضحي الإنسان بنفسه، ويتولى توزيعها.
🥩 *الادخار من لحم الأضحية:*
-ثبت في الأحاديث الصحيحة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ادخار لحوم الأضاحي في إحدى السنوات ؛ لما كانت بالمسلمين حاجة للحم بسبب الوفود في المدينة، ثم أذن في الادخار بعد ذلك، أي أن النهي عن الادخار منسوخ، وبهذا قال جماهير أهل العلم...فيجوز الادخار , لكن في مثل هذه السنوات الشداد التي تمر بها بلادنا المكلومة لا أرى جواز ادخار اللحم مادام وان المضحّي بجواره فقراء بحاجة إلى اللحم.
🐪 *الاشـتراك في الأضحية الواحدة* 🐂
-الاشتراك في الأضاحي ينقسم إلى قسمين:
1- اشتراك مُلك : ولا يجزئ أن يشتـرك اثنان فأكثر - اشتراك مُلك- في الأضحية الواحدة من الغنم (ضأنها أو معزها) فلا تجزئ إلا عن الرجل وعن من يعيلهم طول العام أو أكثره.
• أما الاشتراك في البقرة أو في البعير (الإبل): فيجوز أن يشترك السبعة في واحدة؛ وفي الصحيح عن جـابر –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{البقرة عن سبعة، والجزور عن سبعة} رواه مسلم.
2-التشريك بالثواب: فهذا لا حرج أن يضحي الإنسان بالشاة عنه وعن أهل بيته وإن كـانوا كثيـرين ، بل له أن يضحّي عن نفسه وعن الأمة الإسلامية كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام فيما مرّ (لكن لا يعني هذا أن أضحيته تجزئ عنهم).
⚖ *الضابط في البيت الواحد*
- حد البيت الذي تجزئ عنه أضحية واحدة وإن كثروا هم: من يجمعهم بيت واحد , ومطبخ واحد طول العام أو أغلبه , أما إذا جاء الولد بيت والده –مثلاً- في العيد بأهله فيجب عليه أضحية مستقلة عن والده -إن استطاع كما مر- وهكذا غيره كالإخوة , أما إن كانوا جميعاً في دار واحدة يجمعهم مطبخ واحد فعليهم جميعاً أضحية واحدة فقط وإن زادوا عنها فحسن.
- ومن كان خارج البلد بلا أسرته فيجزئ عنه أضحية والده في بلده – إن شاء الله-.
- وإن كان الرجل متزوجاً زوجتين أو أكثر فأضحية واحدة تكفي أيضاً , كما أجزأت أضحية النبي صلى الله عليه وسلم عن زوجاته جميعاً , وفي الحديث الصحيح عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: « كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون » رواه ابن ماجة والترمذي وصححه .
🐪 *الاشتراك في الأضحية لغير قربة*
-اشترط الحنفية في صحِّة الاشتراك في الأضحية : أن يكون الكل مريدين للقربة وإن اختلفت جهاتها (من أضحية، وقران، ومتعة) قالوا: فلو كان أحدهم مريداً لحماً لأهله –مثلاً- فلا تجزئ عنهم جميعاً, أما الشافعية والحنابلة فلم يشترطوا ( وهو الراجح وما رجحه شيخنا العمراني): أن يتحد جميع المشتركين في الأضحية في إرادة القربة , وسواء اتفقوا في نوع القربة أم اختلفوا، كما إذا قصد بعضهم التضحية وبعضهم الهدي، وكذا لو أراد بعضهم اللحم وبعضهم الأضحية, كما يحصل: أن عشرة يشتركون في بقرة واحدة –ومعلوم أنها لا تجزئ إلا عن سبعة كما مر- فنقول على الراجح: من أخذ منها سبيعاً أجزأ عنه ولا تنفسخ أضحيته , وأما من لم يأخذ سبيعاً لمفرده وإنما اشترك اثنان أو أكثر فيه فليس بضحية بل هو لحم لأهله باتفاق الفقهاء , والخلاف إنما هو هل يفسخ أضحية غيره أم لا ؟ *فالراجح* -كما سبق- أنه لا يفسخ إلا أضحية نفسه , لكن الأحوط : أن المضحي لا يأخذ إلا مما لا شبهة فيه يعني: لا يشترك في تلك الأضحية إلا من أراد القربة فقط.
🐐 *حكم بيع الأضحية*
- إذا تعيَّنت الأضحية لم يَجُز بيعها؛ لأنها صارت صدقة لله، كالوقف لا يجوز بيعه، فلا يجوز بيعها حتى لو ضعفت وهزلت - إلا إذا اشترى أفضل منها فقد أجاز ذلك جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة -.
- ولا يبيع جلدها بعد الذبح؛{من باع جلد أضحيته فلا أضحية له} صححه الألباني؛ لأنها تعيَّنت لله بجميع أجزائها، وما تعين لله فإنه لا يجوز أخذ العوض عليه, لكن له الانتفاع به , أو هبته لفقير , فإذا باعه الفقير فلا مانع , وإن كان لن يقبله فقير فلا مانع من بيعه إن شاء الله خير من رميه فالإسراف محرّم.
- واتفق العلماء على أنه لا يجوز بيع شيء من لحمها أو شحمها أو أيٍ من أجزائها: ككبد، أو رجل، أو رأس، أو كرش أو ما أشبه ذلك، والعلة ما سبق , ، وأن لا يعطي الجزار منها شيئاً من ذلك على سبيل الأجرة؛ لقول علي رضي الله عنه:( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنة وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها وألا أعطي الجزار منها شيئاً ، وقال نحن نعطيه من عندنا ) متفق عليه, أما على سبيل الهدية أو كونه فقيراً فيجوز –على الراجح-لكن لا تُحسب من الأجرة.
🕋 *أضحية الحاج*
-الأضحية تجب على غير الحاج من المسافرين عند جمهور الفقهاء ؛ لعموم الأدلة بدون تفريق بين المسافر وغيره ، أما الحاج فقد اختلف أهل العلم فيه والراجح أنها لا تجب عليه، ولم يُعرف عن الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ضحوا، ورجَّحه ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، وجماعة من أهل العلم , وإن ضحّى فله الأجر لكن لا تجب.
🚦 *تنبيهات*
🔥-يعتقد بعض الناس اعتقادات خاطئة باطلة في دم الأضحية , فقد يقومون بتلطيخ نفوسهم بدمها -لاسيما الأطفال- وهذا لم يرد به شرع مطلقاً , فضلاً على أنه اعتقاد فاسد باطل لا يجوز , والأمور الاعتقادية لا يجوز التساهل فيها مطلقاً فيجب الحذر من ذلك.
🔥-إذا ولدت الأضحية قبل ذبحها أو حتى لو وُجد في بطنها جنيناً فهي أضحية صحيحة مجزئة عند جماهير الفقهاء , وذكاة ولدها الذي وُجد في بطنها ذكاة أمه فيجوز أكله عند جماهير الفقهاء , واستقذار الناس الأضحية بل وتركها كلية فعل غير صائب , فالشرع فوق الأهواء, وحاكم عليها , وفي المتفق عليه:(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) , وورد حديث صحيح بأكله فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَنِينِ فَقَالَ: "كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ". وَقَالَ مُسَدَّدٌ (أحد الرواة): قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْحَرُ النَّاقَةَ، وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ قَالَ: "كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ" , صححه الألباني.
🔥-من أراد أن يذبح الأضحية أيام التشريق ثم يدّخر اللحم لضيوفه ويصنع وليمته بعد ذلك، فلا حرج وهي أضحية ما دام الذبح وقع في أيام التشريق؛ لأن العبرة بالذبح وقد وقع صحيحاً معتبراً شرعاً بشروطه , أما ما يفعله البعض من تأخير الأضحية للضيف حتى يأتي بعد أيام التشريق فليست بأضحية باتفاق الفقهاء وإنما ذلك لحم ضيافة لا أضحية , وقد فاته ولا شك أجر الأضحية وهو أعظم وأوجب من لحم الضيافة.
- *والله تعالى أعلم*
-والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏
◈- *من منشورات قناة فتاوى* *الشيخ/عبدالله رفيق السوطي ، على تليجرام.*
*للاشتراك↓👇*
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik📚🐪 *أحكام الأضحية*🐑 📚
🖊 ◈- *من منشورات قناة فتاوى* *الشيخ/عبدالله رفيق السوطي ، على تليجرام.*
*للاشتراك↓👇*
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
-الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فالأضحية من شعائر الإسلام العظيمة , والعبادات الجليلة التي اهتم بها الفقه الإسلامي أيما اهتمام , فلذا كان لا بدّ للمسلم أن يهتم بأمرها ويعظّم شأنها وذلك بالعلم بأهم أحكامها ؛ حتى لا يقع في أخطاء شرعية تُبطل تلك العبادة , أو تنقص أجرها , وسوف أذكر لك-أخي القارئ العزيز- أهم أحكامها فيما أحسب- واعتمدت كثيراً في ذكر هذه المسائل على أسئلة السائلين , سواء في مجموعات الفتاوى الشرعية على الوتساب , أو رقمي بالخاص واتس أو تليجرام- ولنبدأ باسم الله:
💧 *تعريف الأضحية*
-الأضحية : هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام ( الإبل والبقر والغنم ) تقرباً إلى الله تعالى , من بعد صلاة عيد النحر إلى آخر أيام التشريق (يوم الثالث عشر من ذي الحجة ) , بنية الأضحية.
🚦 *تنبيه:*💡
-يجب أن يتنبه المسلم لتجديد نيته – في كل عبادة وهنا في الأضحية خاصة- فلا تتحوّل العبادات إلى عادات فلا ينتفع بها العبد , ولا يجد حلاوة الإيمان في العمل بأمر الله , ولا يؤجر على فعله , وليتنبه لقول الله هنا:﴿لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـكِن يَنَالُهُ التَّـقْوَى مِنكُمْ﴾ , ومن قوله : ﴿وَلَـكِن يَنَالُهُ الـتَّـقْوَى مِنكُمْ﴾ ففيها تنبيه واضح لعباده بتجديد نواياهم وابتغاء مرضاة الله في ذلك لا غيره من هوى أو بشر...., وليعلموا جيداً أنه يجب أن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخراً، ولا رياءً ولا سمعة ولا غير ذاك ، ولا مـجـرد عـادة مجتمعية كل عام.
🐪 *فضلُ الأضحية:*
-وردَت أحاديث ضعيفة في فضلِها منها ما روتْه عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما عمل آدمي مِن عملٍ يوم النحر أحبُّ إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقُرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقَع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطِيبوا بها نفسًا))؛ أخرجه الترمذي وابن ماجه بسند ضعيف.
-ولا يَثبُت حديث صحيح في فضل الأضحية ، كما قال غير واحد من أهل العلم منهم الإمام ابن العربي المالكي .
لكن لاريب أن الله - عز وجل - يُعطي الأجر العظيم لمن استجاب له فأطاعه , لكن لم يثبت فيها أجر خاص، فيكون مقدار الأجر في عِلم الله تعالى كالصوم والصبر..
ولهذا كان من المناسب جداً ان أذكر بعض الأحاديث التي لا تصح , لكن تنتشر بين الناس خاصة مع توفّر وسائل التواصل حالياً فما من مناسبة إلا وتُنشر كل موضوعاتها...
🔎 *أحاديث لا تصح في الأضحية:*
1- ما سبق من حديث: ((ما عمل آدمي مِن عملٍ يوم النحر أحبُّ إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقُرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقَع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطِيبوا بها نفسًا))؛ أخرجه الترمذي وابن ماجه بسند ضعيف.
2- وكذلك : "يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم. قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف يا رسول الله؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة".
3- وكذلك: "يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بكل قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك. قالت: يا رسول الله ألنا خاصة آل البيت أو لنا وللمسلمين؟ قال: بل لنا وللمسلمين".
4- وكذلك: "استفرهوا –وفي رواية- عظّموا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط - وفي رواية – على الصراط مطاياكم – وفي رواية – إنها مطاياكم إلى الجنة".
5- وكذلك: "من ضحّى طيبة بها نفسه محتسبا لأضحيته كانت له حجابا من النار".
6- وكذلك: "إن الله يعتق بكل عضو من الضحية عضوا من المضحّي - وفي رواية - يعتق بكل جزء من الأضحية جزءاً من المضحّي من النار".
7- وكذلك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحّى ليلاً".
🗓 *ما يستحب اجتنابه في العشر من أراد أن يضحي:*
-دلّت السنة على أن من أراد التضحية فيسنّ له - وقيل يجب عليه وسيأتي- أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره وبشرته من دخول العشر إلى أن يذبح أضحيته ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره حتى يضحّي » وفي رواية :« فلا يمسّ من شعره وبشرته شيئاً » أخرجه مسلم.
-قيل الحكمة من نهي المضحّي عن أخذ ذلك : أنه لما كان مشابهاً للمُحْرم في بعض أعمال النسك (وهو التقرب إلى الله بذبح النسك) أُعْطي بعض أحكامه ، وكذلك يوفّر شعره وأظفاره إلى حين ذبح أضحيته رجاء أن يعتقه الله كلّه من النار.
-ومن أخذ من شعره أو ظفره أول العشر لعدم إرادته الأضحية ثم أرادها في أثناء العشْر أمسك من حين الإرادة حتى يضحّي , والحكم متعلق بالمضحّي فقط دون أهل بيته ممن سيضحّي عنهم ، وسواء ذبح بنفسه او وكَّل غيره , أما الوكيل فلا يتعلق به نهي ، فإن النهي خاص بمن أراد أن يضحي عن نفسه كما دل عليه الحديث : (وأراد أحدكم أن يضحّي) ، وأما من يضحي عن غيره بوصية أو وكالة فهذا لا يشمله النهي كما سبق.
-ومن كان له أضحية ثم عزم على الحج فإنه لا يأخذ من شعره وظفره إذا أراد الإحرام ؛ لأن هذا سنة عند الحاجة , لكن إن كان متمتعاً قصّر من شعره عند الانتهاء من عمرته.
📖 *خلاف الفقهاء في حكم الأخذ* 🔖
-(قال الإمام النووي: قال سعيد بن المسيب، وربيعة، وأحمد، وإسحاق، وداود، وبعض أصحاب الشافعي: إنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية، وقال الشافعي وأصحابه: هو مكروه كراهة تنزيه، وقال أبو حنيفة: يكره، واختلفت الرواية عن مالك) أ. هـ.
- *والراجح* أن ترك الأخذ سنة نبوية , والأخذ من الشعر أو البشر أو الظفر قبل أن يضحي وبعد دخول العشر مكروه , لكن لا يعني ذلك فساد الأضحية بإجماع الفقهاء, لا كما يظن بعض العوام: أن من أخذ من شعره أو بشره فلا أضحية له ولا تصح منه, ( وقد وردتني أسئلة متعددة بنحو هذا الكلام فليتنبه له).
( *يُراجع منشوري أحكام العشر من ذي الحجة وفضائلها* ).
📚 *حكم الأضحية* 🐄
-أجمع الفقهاء على مشروعية الأضحية وأنها شعيرة من شعائر الإسلام , وإذا تركها أهل بلد عن قدرة عليها , وعدم إيمان بها قوتلوا عليها ؛ لأنها من شعائر الإسلام , ثم اختلفوا في حكمها: فذهب جمهور الفقهاء –المالكية والشافعية والحنابلة- أنها سنة مؤكدة ( لكن صرّح كثير منهم بأنه يُكره تركها للقادر عليها ) ، - وذهب لوجوبها الأوزاعي والليث وأبو حنيفة وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد , وأحد القولين في مذهب مالك ، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من المحققين ( *وهو الراجح لمن وجد سعة* ) ، واستدل أصحاب هذا القول بما يلي :
1- قوله تعالى : ( فصلٍّ لربك وانحر ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : "الصلاة: المَكتوبة، والنحر: النُّسُك والذبحُ يومَ الأضحى" ، وكلمة (فصلٍّ) فعل أمر , والأمر يقتضي الوجوب كما هو معلوم في أصول الفقه.
2- حديث جندب رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله » رواه مسلم , فهنا أمر بالإعادة (فليذبح) .
3- قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: « من وجد سعة فلم يضحِ فلا يقربنّ مصلانا » رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم والألباني , فنهى من لم يضحٍّ من الصلاة زجراً له .
4- وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناس، إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية))؛ أخرجه أحمد وأصحاب السنن , فكل هذه الأحاديث يُفهم منها الأمر لا الندب.
-واستدل الجمهور بما يلي:
1- عن جابر - رضي الله عنه - قال: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأضحى بالمُصلّى، فلمَّا قضى خطبته نزل من منبره، وأتى بكبش فذبَحه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((بسم الله، والله أكبر، اللهمَّ هذا عني وعمَّن لم يُضحِّ من أمتي))؛ أخرجه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه في الأضاحي، بسند صحيح.
قالوا: فمَن لم يُضحِّ مِنا،فقد كفاهُ تضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - وناهيكَ بها أضحيةً , والرد عليهم: أن ذلك عن من لم يجد مالاً ليضحي .
2- حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دخلَت العشر، وأراد أحدُكم أن يُضحِّي، فلا يمسَّنَّ مِن شَعره وبشَرِه شيئًا))؛ أخرجه مسلم، قالوا: عُلِّق الذبح على الإرادة، والواجب لا يُعلَّق على الإرادة , والرد عليهم: أن التعليق بالإرادة يكون في الواجبات كقول الله:( لمن شاء منكم أن يستقيم) , وقوله: ( إذا قمتم للصلاة فاغسلوا وجوهكم...) الآية يعني : إذا أردتم القيام للصلاة...وغيرهما في القرآن والسنة.
🐐🐪 *شروط الأضحية المجزئة:*🐂🐑
-كما هي العادة في العبادات فلابد من أن تسبق بشروط وضوابط معلومة , فللأضحية شروط بينها العلماء وهي:
1- القدرة: بأن يكون صاحبها قادراً على ثمنها , فمن لم يجد فلا يجب عليه أن يتسلف مادام وأنه لن يستطيع الرد أو يصعب عليه ذلك , ومن كلّف نفسه فتسلف فهي مقبولة منه , ثم هنا وللظروف التي تمر بها بعض البلاد الإسلامية خاصة بلادنا العزيزة اليمن المكلومة: فلا قلق ولا حزن على الفقير إن لم يضحٍّ ؛ فقد ضحّى عنه النبي عليه الصلاة والسلام ونِعْم بها أضحية , كما في الصحيح قال: (اللهم هذا عني وعن من لم يضحٍّ من أمتي) , فلا يجوز له أن يكلّف نفسه فيستدين مادام يعسر عليه السداد , أما من كان قادراً على السداد فيجوز له شراء الأضحية دَيْناً ، ومن كانت عليه ديون وتزاحم الدَيْن مع الأضحية فالمقدّم سداد الدين ؛ لأنه أبرأ للذمة , وحق المخلوق , بينما الأضحية حق الخالق وحق الله مبنياً على العفو..
2-أن تكون من بهيمة الأنعام ( الغنم , الضأن , البقر , الإبل) , ولا تجزئ غيرها بالإجماع.
3- أن تكون في السن المعتبر شرعاً : ستة أشهر في الضأن (جذعة) إن لم يجد سواها , وفي الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) رواه مسلم , والجذعة من الضأن مالها ستة أشهر كما سبق, ولا يجزئ ما دون ذلك من الضأن , ولا ما دون الثني من بقية بهيمة الأنعام(وهي المسنة التي شرطها الحديث) :
• والثنيُّ مِن المعز: ما بلغ سنَة ودخَل في الثانية.
• والثنيُّ من البقر: ما أتمَّ سنتَين ودخَل في الثالثة.
• والثنيُّ مِن الإبل: ما أتمَّ خمس سنين ودخل في السادسة.
• ولا يجزئ أقل من ذلك , ويجزئ - بلا شك - ما هو أكبر.
3- أن تكون خالية من العيوب ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « أربع لا يجزين في الأضاحي ، العوراء البين عورها ، المريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والعجفاء التي لا تنقي » صحيح ، وفي رواية: في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ماذا يُتَّقى من الضحايا؟ فأشار بيده، وقال: ((أربعٌ: العرجاء البيِّن ظلعها، والعوراء البيِّن عوَرها، والمريضة البيِّن مرَضُها، والعجفاء التي لا تنقي))؛ -أخرجه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح.
(قال ابن عبد البر: أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجمع عليها؛ لا أعلم خلافًا بين العلماء فيها، ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها، فإذا كانت العلة في ذلك قائمة، ألا ترى أن العوراء إذا لم تجز في الضحايا فالعمياء أحرى ألا تجوز, وإذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرجل أحرى ألا تجوز، وكذلك ما كان مثل ذلك كله) أ. هـ.
-والأضحية قربة إلى الله ، والله طيب لا يقبل إلا طيباً ، (ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ).
• والعيب الخفيف في الضحايا مَعفوٌّ عنه , وكذا ما كان من أصل خلقته كالكباش الخارجية مقطوعة الذيل( الاسترالية) , وكذا ما لا يؤثر في اللحم , وكذلك ما تعيبت لديه بعد شرائه لها سليمة بشرط بدون تقصير منه فله أن يضحي بها ولو تعيبت, وإن خرج من الخلاف وباعها واشترى أفضل منها فهو خير وأفضل ما لم يكلّف على نفسه.
4-أن تكون في الوقت المحدد شرعاَ , وهذا الوقت هو: من بعد صلاة العيد، (وليس من بعد دخول وقت الصلاة) , إلى قبل مغيب شمس آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من أيام ذي الحجة , فإن ذُبحت قبل الوقت المحدد أو بعده لم تُجزئ.
وقد اتَّفق الفقهاء - رحمهم الله - على أن أفضل وقت التضحية هو يوم العيد قبل زوال الشمس؛ لأنه هو السنَّة؛ لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نُصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سُنَّتنا، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحمٌ قدَّمه لأهلِه، ليس من النسك في شيء))؛ متفق عليه.
كما أنهم اتَّفقوا على أن الذبح قبل الصلاة أو في ليلة العيد لا يَجوز ولا تجزئ عنه أضحية وإنما هي لحم أطعمه أهله ؛ كما ورد في الحديث الصحيح السابق ، وحديث جندب بن سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان ذبح أضحيته قبل أن يُصلي - أو نصلي - فليذبح مكانها أخرى))؛ متفق عليه.
-ولا مانع من الذبح في الأيام التي مرت نهـاراً أو ليـلاً –على الراجح- وكره جمهور الفقهاء الذبح بالليل لكن لا دليل لهم.
⌚ *آخِرُ وقت لذبح الأضحية*
-وما تقدّم من أن وقت الذبح يستمر يوم العيد ويومان بعده هو مذهب الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والأوزاعي والشافعي -وهو الراجح ورجحه ابن تيمية وابن القيم- , وذهب جمهور الفقهاء- الحنفية، والمالكية، والحنابلة- أن وقت الأضحية يوم العيد ويومان بعده..
🕹 *فضل الذبح على التصدّق بالقيمة*
ذهب جماهير الفقهاء إلى أن ذبح الأضحية والتصدق بلحمها أفضل من التصدق بقيمتها ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحّى مع وجود فقراء في زمنه , ولا يفعل إلا ما هو أولى وأفضل ولاشك بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
🐑🐐 *الأضحية بالخصي:*
-عن عائشة وأبي هريرة، رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يُضحّي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين (خصيين)، فذبح أحدهما عن أمته ، وذبح الآخر عن محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم).
🐂 *سُنّة استحسان الأضحية واستسمانها*
-(قال ابن القيم: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم، اختيار الأضحية واستحسانها وسلامتها من العيوب)، قال بعض السلف: لا يهدي أحدكم لله تعالى ما يستحي أن يهديه لكريمه، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 267] , ولذا ذُكر عن السلف أنهم كانوا يستسمنون أضاحيهم.
🐑🐐 *الأفضل من بهيمة الأنعام* 🐂🐪
-اختلف الفقهاء في الأفضل من بهيمة الأنعام ،فذهب الشافعي إلى تفضيل الإبل، ثم البقر، ثم الكباش، وأما مالك فوافق الشافعي في الهدي، وقال بعكس ذلك في الأضحية، ففضّل الكباش، ثم البقر، ثم الإبل، ولعل سبب اختلافهم: ورود حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بالكباش؛ ولأن الله فدى إسماعيل بذبح عظيم وهو الكبش كما هو الراجح وما عليه الجمهور , ومن فضّل الإبل ثم البقر ثم الكباش(الشافعي) فنظر إلى الأكثر لحماً وأغلى قيمة , لكن الراجح خلافه ؛ لما مر من فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام ؛ وكونها أفضل لحماً كما هو المعروف.
-والأفضل في الأضاحي الذكر دون الأنثى – إلا الماعز-.
🗡 *الأحق بالذبح*
-يستحب للمضحي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح؛ لأنه عبادة وقربة، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث ذبح أضحيته بنفسه، وذبح هديه، وإن لم يتولَ ذبحه بيده، فالأفضل أن يحضر عند ذبحه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة: (احضري أضحيتك يغفر لكِ بأول قطرة من دمها) , وهكذا فعل عليه الصلاة والسلام لما وكّل علياً في الهدي.
🚦 *تنبيه:*
-الحكم عام للرجال والنساء , و ذبيحة المرأة حلال -لا كما ينتشر جهلاً- سواء كان ذلك بحضرة رجال الدار أو بغيبتهم مادامت تحسن الذبح , ولا فرق بين أن تكون حائضاً أو على طهر.
🔪 *كيفية ذبح الأضحية*
-يستحب أن تنحر الإبل مستقبلة القبلة قائمة معقولة اليد اليسرى , والبقر والغنم يضجعها على شقها الأيسر(والمقصود من ذلك راحة البهيمة) مستقبلاً بها القبلة، ويضع رجله على رقبتها حين الذبح , وأما أيديها وأرجلها: فإن الأحسن أن تبقى مطلقة غير ممسوكة , إن كان ذلك أرْيح لها ،و ذلك أبلغ في إخراج الدم منها ؛لأن الدم مع الحركة يخرج أكثر، فهذا أفضل, ثم يقول:( بسم الله، والله أكبر، اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك) , ولا صحة لما ذهب إليه الهادوية من الزيدية من قول عند ذبح الأضحية : (الحمد لله الذي هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام) , وهو من انفراداتهم.
📝 *من آداب الذبح*
-إذا أراد الذبح فإنه مطالب بأمور:
- أن يذبح بسكـين حـادة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {وإذا ذبـحتم فأحسنوا الـذِّبحة، ولْـيُحدَّ أحدكم شفرته، ولْيُرح ذبيحته} [رواه مسلم].
- ألا يحد شفرته وهي تنظر، وفي الصحيح عن ابن عباس:( أن رجلا أضجع شاة وهو يُحِد شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:{أتريد أن تميتها موتــتين! هلّا أحْددت شفرتك قبل أن تُضجـعها!}) , وأيضاً: لا يذبحها والأخرى تنظر؛ لأنها تعرف مصيرها فتخاف.
- ومن الآداب سـحب الذبيحة برفق: فعن محمد بن سيرين: أن عمراً رضي الله عنه رأى رجلاً يجر شاة ليذبحها، فضربه بالـدرة وقال: «سُقها - لا أم لك- إلى الموت سَوقاً جميلا». رواه البيهقي.
- ومن السنة الذبح إلى القبلة , (وما سبق عام في كل ذبح أضحية أو لا) .
- ويقال عند الذبح ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أن ذبح كبشيْن أقرنيْن أملحيْن مَوجوءيْن في أضحيته، فلما وجههما قال:{إني وجهتُ وجهيَ للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً على ملة إبراهيم، وما أنا من المشركين، قل إن صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرِتُ، وأنا أولُ المسلمين، اللهم منك ولك} والحديث في صحيح سنن أبي داود , وورد قول : باسم الله، والله أكبر، اللّهم إن هذا منك ولك، اللهم تقبل مني.
🐪 *تقسيم الأضحية*
-يستحب أن يأكل ثلثًاً ويتصدق بثلث ويهدي بثلث – استحباباً- قاله ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم ، وهو ما استحبه جمهور الفقهاء , والأمر يعود للمضحي نفسه فإذا كان الفقراء بحاجة ماسة فالمستحب في حقه أن يجعل لهم ثلثي الأضحية وثلث له , ولا هدية في حقه وهكذا.
-ولا بد من أن يأكل المضحّي من أضحيته ولو قليلاً؛ لينال بركتها , وفي الصحيح قال عليه الصلاة والسلام :{إذا ضحّى أحدكم فلْيأكل من أضحيته} صححه الألباني ؛ ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لما حج حجة الوداع أهدى ثلاثاً وستين بَدَنة، ونحرها بيده عليه السلام، ثم وكَّل علياً بأن يوزعها على الفقراء والمساكين، وأن يهيأ له من كل واحدة منها قطعة، ويطبخ ذلك ليأكل منه.
-واختار بعض الفقهاء أن يكون الأكل من الكبد ؛ لأنه أخف وأسرع نضجاً ، لكن ليس من باب التعبد.
🐑 *هبة الأضاحي للمحتاجين ليضحوا بها:*
-قد ثبت في البخاري:( أن النبي صلى الله عليه وسلم قسّم ضحايا بين أصحابه) , ففيه دلالة على جواز توزيع أهل الغنى ضحايا على المعوزين لأجل أن يضحوا بها , ولهم الأجر مرتين , وهذه دعوة لكل من يستطيع أن يفعل ذلك فلا يبخل على نفسه من أن ينقذها من النار , وفي المتفق عليه: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) , هذا شق تمرة ينجي من النار فكيف بالكيلو وأكثر منه للفقراء .
📿 *إعطاء الأضحية للجمعيات الخيرية:*
-يجوز إعطاء الأضحية للجمعيات الخيرية لتصرفها على الفقراء –إن كانت تفعل-، لكن الأفضل أن يضحي الإنسان بنفسه، ويتولى توزيعها.
🥩 *الادخار من لحم الأضحية:*
-ثبت في الأحاديث الصحيحة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ادخار لحوم الأضاحي في إحدى السنوات ؛ لما كانت بالمسلمين حاجة للحم بسبب الوفود في المدينة، ثم أذن في الادخار بعد ذلك، أي أن النهي عن الادخار منسوخ، وبهذا قال جماهير أهل العلم...فيجوز الادخار , لكن في مثل هذه السنوات الشداد التي تمر بها بلادنا المكلومة لا أرى جواز ادخار اللحم مادام وان المضحّي بجواره فقراء بحاجة إلى اللحم.
🐪 *الاشـتراك في الأضحية الواحدة* 🐂
-الاشتراك في الأضاحي ينقسم إلى قسمين:
1- اشتراك مُلك : ولا يجزئ أن يشتـرك اثنان فأكثر - اشتراك مُلك- في الأضحية الواحدة من الغنم (ضأنها أو معزها) فلا تجزئ إلا عن الرجل وعن من يعيلهم طول العام أو أكثره.
• أما الاشتراك في البقرة أو في البعير (الإبل): فيجوز أن يشترك السبعة في واحدة؛ وفي الصحيح عن جـابر –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{البقرة عن سبعة، والجزور عن سبعة} رواه مسلم.
2-التشريك بالثواب: فهذا لا حرج أن يضحي الإنسان بالشاة عنه وعن أهل بيته وإن كـانوا كثيـرين ، بل له أن يضحّي عن نفسه وعن الأمة الإسلامية كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام فيما مرّ (لكن لا يعني هذا أن أضحيته تجزئ عنهم).
⚖ *الضابط في البيت الواحد*
- حد البيت الذي تجزئ عنه أضحية واحدة وإن كثروا هم: من يجمعهم بيت واحد , ومطبخ واحد طول العام أو أغلبه , أما إذا جاء الولد بيت والده –مثلاً- في العيد بأهله فيجب عليه أضحية مستقلة عن والده -إن استطاع كما مر- وهكذا غيره كالإخوة , أما إن كانوا جميعاً في دار واحدة يجمعهم مطبخ واحد فعليهم جميعاً أضحية واحدة فقط وإن زادوا عنها فحسن.
- ومن كان خارج البلد بلا أسرته فيجزئ عنه أضحية والده في بلده – إن شاء الله-.
- وإن كان الرجل متزوجاً زوجتين أو أكثر فأضحية واحدة تكفي أيضاً , كما أجزأت أضحية النبي صلى الله عليه وسلم عن زوجاته جميعاً , وفي الحديث الصحيح عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: « كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون » رواه ابن ماجة والترمذي وصححه .
🐪 *الاشتراك في الأضحية لغير قربة*
-اشترط الحنفية في صحِّة الاشتراك في الأضحية : أن يكون الكل مريدين للقربة وإن اختلفت جهاتها (من أضحية، وقران، ومتعة) قالوا: فلو كان أحدهم مريداً لحماً لأهله –مثلاً- فلا تجزئ عنهم جميعاً, أما الشافعية والحنابلة فلم يشترطوا ( وهو الراجح وما رجحه شيخنا العمراني): أن يتحد جميع المشتركين في الأضحية في إرادة القربة , وسواء اتفقوا في نوع القربة أم اختلفوا، كما إذا قصد بعضهم التضحية وبعضهم الهدي، وكذا لو أراد بعضهم اللحم وبعضهم الأضحية, كما يحصل: أن عشرة يشتركون في بقرة واحدة –ومعلوم أنها لا تجزئ إلا عن سبعة كما مر- فنقول على الراجح: من أخذ منها سبيعاً أجزأ عنه ولا تنفسخ أضحيته , وأما من لم يأخذ سبيعاً لمفرده وإنما اشترك اثنان أو أكثر فيه فليس بضحية بل هو لحم لأهله باتفاق الفقهاء , والخلاف إنما هو هل يفسخ أضحية غيره أم لا ؟ *فالراجح* -كما سبق- أنه لا يفسخ إلا أضحية نفسه , لكن الأحوط : أن المضحي لا يأخذ إلا مما لا شبهة فيه يعني: لا يشترك في تلك الأضحية إلا من أراد القربة فقط.
🐐 *حكم بيع الأضحية*
- إذا تعيَّنت الأضحية لم يَجُز بيعها؛ لأنها صارت صدقة لله، كالوقف لا يجوز بيعه، فلا يجوز بيعها حتى لو ضعفت وهزلت - إلا إذا اشترى أفضل منها فقد أجاز ذلك جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة -.
- ولا يبيع جلدها بعد الذبح؛{من باع جلد أضحيته فلا أضحية له} صححه الألباني؛ لأنها تعيَّنت لله بجميع أجزائها، وما تعين لله فإنه لا يجوز أخذ العوض عليه, لكن له الانتفاع به , أو هبته لفقير , فإذا باعه الفقير فلا مانع , وإن كان لن يقبله فقير فلا مانع من بيعه إن شاء الله خير من رميه فالإسراف محرّم.
- واتفق العلماء على أنه لا يجوز بيع شيء من لحمها أو شحمها أو أيٍ من أجزائها: ككبد، أو رجل، أو رأس، أو كرش أو ما أشبه ذلك، والعلة ما سبق , ، وأن لا يعطي الجزار منها شيئاً من ذلك على سبيل الأجرة؛ لقول علي رضي الله عنه:( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنة وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها وألا أعطي الجزار منها شيئاً ، وقال نحن نعطيه من عندنا ) متفق عليه, أما على سبيل الهدية أو كونه فقيراً فيجوز –على الراجح-لكن لا تُحسب من الأجرة.
🕋 *أضحية الحاج*
-الأضحية تجب على غير الحاج من المسافرين عند جمهور الفقهاء ؛ لعموم الأدلة بدون تفريق بين المسافر وغيره ، أما الحاج فقد اختلف أهل العلم فيه والراجح أنها لا تجب عليه، ولم يُعرف عن الصحابة الذين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ضحوا، ورجَّحه ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، وجماعة من أهل العلم , وإن ضحّى فله الأجر لكن لا تجب.
🚦 *تنبيهات*
🔥-يعتقد بعض الناس اعتقادات خاطئة باطلة في دم الأضحية , فقد يقومون بتلطيخ نفوسهم بدمها -لاسيما الأطفال- وهذا لم يرد به شرع مطلقاً , فضلاً على أنه اعتقاد فاسد باطل لا يجوز , والأمور الاعتقادية لا يجوز التساهل فيها مطلقاً فيجب الحذر من ذلك.
🔥-إذا ولدت الأضحية قبل ذبحها أو حتى لو وُجد في بطنها جنيناً فهي أضحية صحيحة مجزئة عند جماهير الفقهاء , وذكاة ولدها الذي وُجد في بطنها ذكاة أمه فيجوز أكله عند جماهير الفقهاء , واستقذار الناس الأضحية بل وتركها كلية فعل غير صائب , فالشرع فوق الأهواء, وحاكم عليها , وفي المتفق عليه:(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) , وورد حديث صحيح بأكله فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَنِينِ فَقَالَ: "كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ". وَقَالَ مُسَدَّدٌ (أحد الرواة): قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْحَرُ النَّاقَةَ، وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ قَالَ: "كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ" , صححه الألباني.
🔥-من أراد أن يذبح الأضحية أيام التشريق ثم يدّخر اللحم لضيوفه ويصنع وليمته بعد ذلك، فلا حرج وهي أضحية ما دام الذبح وقع في أيام التشريق؛ لأن العبرة بالذبح وقد وقع صحيحاً معتبراً شرعاً بشروطه , أما ما يفعله البعض من تأخير الأضحية للضيف حتى يأتي بعد أيام التشريق فليست بأضحية باتفاق الفقهاء وإنما ذلك لحم ضيافة لا أضحية , وقد فاته ولا شك أجر الأضحية وهو أعظم وأوجب من لحم الضيافة.
- *والله تعالى أعلم*
-والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏
◈- *من منشورات قناة فتاوى* *الشيخ/عبدالله رفيق السوطي ، على تليجرام.*
*للاشتراك↓👇*
https://telegram.me/ALSoty1438AbdullahRafik
تعليقات
إرسال تعليق