العلمانية في مواجهة النصوص الشرعية
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/RtHmI69fGwo
تم إلقاؤها : بمسجد الصديق المكلا 10/ ربيع الثاني/1444هـ.
الخــطبة الأولــى:
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن أمتنا اليوم أمام محنة عظيمة، وأمام خطر جسيم، وأمام فتنة شديدة، سهام قاسية، وسباع ضارية لا ترحم أبدا، تراوغ في كل وقت، وتلعب على كل شيء، إن أمتنا اليوم أمام أعداء كثروا لا من داخلها وفقط بل من خارجها وان كان الأول أشد، أمتنا تعاني الأمرّين وهي اليوم أمام خيارين إما أن تكون أو لا تكون، بل لا أمتنا وفقط بل ديننا قبل ذلك الذي كرمنا الله تعالى به ورضيه لنا: ﴿وَرَضِيتُ لَكُم الْإِسْلامَ دِينا﴾، ﴿وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرينَ﴾.
- ومع هذا فإننا نعيش في حالة عجيبة وغريبة لا نحسد عليها، بل في حالة موجة تعصف بالأمة جمعاء، هي أشبه اليوم بقول الله تبارك وتعالى: {وَجَرَينَ بِهِم بِريحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحوا بِها جاءَتها ريحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ المَوجُ مِن كُلِّ مَكانٍ...} هذه هي الأمة اليوم جاءها الموج من كل مكان، وكاد أن يطبق بها، ويحكم خناقه عليها من كل جهة، فأعداؤها من خارجها يتربصون بها للانقضاض عليها، والإجهاز على آخر رمق بها، وأعداؤها من أبنائها ينحتون فيها، وينخرون في جذورها، ويضعفونها لتكون لقمة سائغة لعدوها الخارجي، بل إنما يفعله أعداؤها من داخلها أشد وأعظم وأنكى وأدهى وأمر وهو ما لا يخفى على عاقل اليوم، وإن العاصم من هذه الموجات ومن هذه الصراعات ومن هذه الفتن والمدلهمات هو ﴿جاءَتها ريحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ المَوجُ مِن كُلِّ مَكانٍ وَظَنّوا أَنَّهُم أُحيطَ بِهِم دَعَوُا اللَّهَ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ لَئِن أَنجَيتَنا مِن هذِهِ لَنَكونَنَّ مِنَ الشّاكِرينَ﴾، والظن في القرآن الكريم كما قال ابن عباس واجب وليس الظن من قبل الله يكون بالظن الوهمي أو أشبه به، فيقيننا بالضعف الحاصل عندنا يعني اللجوء الحتمي والضروري لله رب العالمين…: ﴿لَيسَ لَها مِن دونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾.
- وبالتالي فالمسلم اليوم بين خيارين اثنين إما أن يتبع الوحي ويركب موجة طيبة صالحة، ويكون ضمن أمة الخير والنفع: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنونَ بِاللَّهِ }، فهو يحدد أين يكون وفي أي صف يكون، أو أن يكون مع الطرف الآخر ذات الشمال، وأن يكون محايداً ايضاً ساكتًا صامتًا لا يعنيه أمر أمته، ولا يعنيه ما هي فيه، وما نزل بها، وما هي عليه، فهذا قد اختار الطريق العوج، وضل عن سواء السبيل، والطرق الخاطئة التي تسلك به إلى شفا جرف هار ثم بعد ذلك فانهار به، انهار به في الدنيا وسينهار به الآخرة حتما…
- أيها الإخوة شتان بين مسلم يختار طريق الذين أنعم الله عليهم، وبين مسلم يختار طريق الذين غضب الله عليهم، شتان بين مسلم عرف الحق فاتبعه، وبين مسلم يدعي الإسلام ثم ينحرف عنه بكليته، أو بين مسلم أكبر من هذا وأجرم أن يمزق الإسلام عروة عروة، وأن يسعى في هدم نصوصه ومقدساته وأحكامه وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم الليل والنهار وبأي اسم كان سواء اتباعًا للقرآن وحده أو لغيره معه…
- فهذه موجات موجة الذين أمنوا إيمان لا نفاق فيه، أو موجة الذين كفروا ونافقوا موجة نفاق لا إيمان فيه، فهو بين خيارين اثنين إما أن يخسر هذا أو ذاك، وكم من أولئك الذين اختاروا الطريق الأخرى فانحرفوا، وكم أولئك أيضًا ممن اختاروا الطريق الأولى فهدوا إلى صراط مستقيم، فرق بين الفريقين وشتان بين السبيلين،أالا فليحدد المسلم مصيره وقراره وأمره وفي أيهما يكون، إما أن يكون مع الأول مع الذين أمنوا فها هو طريقهم بل طريق عوامهم فضلا عن خواصهم، ولو أخذنا بأولئك الذين سلموا وأذعنوا واتبعوا واقتدوا وفعلوا ما أمر الله إياه من توهم وفي لحظتهم، وانزجروا وانتهوا عما نهى الله عنه…
- وكنموذج: هذا صحابي لا يعرف حتى بكنيته أو بلقبه فضلاً عن اسمه لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يخلع خاتما كان في أصبعه ورماه عليه الصلاة والسلام رمى الخاتم إلى الأرض فلما انصرف من المجلس وانصرف الناس وبقي الرجل مع ثلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد انصرف النبي الله عليه وسلم قالوا خذه أي الخاتم وانتفع به ببيعه ولا تلبسه فقال لا والله لا آخذه وقد خلعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتباع بدون تردد أو تلكع أو أي شيء كان، اتباع لنهجه، اتباع لأمره، اتباع لهديه، اتباع لسنته بحذافيرها…
- بل هذا رجل عامي ليس من الصحابة لما سمع أحد المحدثين وهو يحدث بما في البخاري ومسلم كما ذكر الإمام الحمال رحمه الله قال فلما وصل إلى قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يدخل الجنة قتات" والحديث في البخاري ومسلم، فبكى الرجل وصرخ وقام يولول ويقول اتوب إلى الله من بيع القت، وكان يبيع القضب العلف المعروف للمواشي، وظن على أن القتات في الحديث المراد به علف الدابة والماشية وهو كذلك في اللغة لكن في الشرع القتات هو النمام، فانظر إلى اتباع ذلك الرجل العامي لم يسائل لم يناقش لم يخض فيما يخوضون ولم يقل ماذا؟ وكيف وكيف تحاصرونا على معيشتنا وأي تشدد هذا، وأي دين وماذا يعني القتات وهل تريدونني أنا أم تريدون غيري…
- وغيره من هذه الأسئلة والمجازفات والمجادلات والتهرب من الوحي، والتلاعب عليه، والوقوف ضد الشرع، لا بل إيمان وتسليم وإذعان بأول لفظة دون أن يعرف معناها حتى، تسليم أيما تسليم، بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته يخلع حذاءه فخلع الصحابة أحذيتهم فور رؤيتهم لرسول الله وهو يخلع الحذاء ولم يقولوا يمكن ولعله والوحي إنما جاء له ولعل في حذائه قذراً أو ننتظر حتى نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبب، لا لا لا بل مباشرة ائتمروا وانزجروا وفعلوا ولم يسائلوا حتى إنما النبي أخبرهم لماذا خلعتم قالوا بكل بساطة واتباع: رأيناك خلعت فخلعنا….
- وأعجب من ذلك هذا ابن مسعود رضي الله عنه بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على منبره ينادي "اجلسوا أيها الناس" وكان ابن مسعود خارج المسجد في الشارع فلما سمع اجلسوا جلس من لحظته في مكان لم يتحرك أنملة، بل أم سلمة رضي الله عنها وهي تمشط شعر ابنتها لما قال صلى الله عليه وسلم للناس "انصتوا لي أيها الناس" لم تحرك المشط حركة بل نصتت في لحظتها ولم يجادل ابن مسعود أو أم سلمة هي لحظات ثواني المراد من عنده ومن بجواره… ومن هذه التأويلات…
- ولا تفوتني قصة فيها ما فيها من عظة وعبرة وفي زمن التابعين قال مالك الخثعمي وكان أمير الجيش الذاهب مجاهدا إلى بلاد الروم نظرت في مؤخرة الجيش وإذا بجابر بن عبدالله بن حرام الأنصاري رضي الله عنه يمشي بقدميه ومعه بعيره يسوقه بين يديه فقلت يا عبد الله اركب اركب فقد حملك الله، لماذا لا تركب بعيرك وقد حملك الله عليه، فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمها الله على النار"، فسمعها ووعاها مالك الخثعمي الأمير ودخلت إلى قلبه وملكت شغافه ثم ذهب إلى مقدمة الجيش أعني مالك الخثعمي أمير الجيش فتقدم إلى مقدمة الجيش ونادى يا عبد الله لقد حملك الله فاركب ففهمها جابر أنه يريد أن يلقن الجيش درسًا في إتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل يتبعون أم يراوغون أم بعض وبعض؟ فقال جابر بأعلى صوته مجيبا له إني سمعت رسول الله عليه وسلم يقول: "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار"، قال فنزلوا جميعـًا من على دوابهم وعلى فرسانهم ومشوا بأقداهم وتركوها تمشي فارغة دون ركاب عليها اتباعـًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فلم أر جيشًا اعظم مشيـًا منه كلهم على الأقدام حتى وصلوا إلى أرض المعركة، اتباعا وتسليما وإذعانا بكل ما تعنيه الكلمة وبدون أي تردد لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم…
- وما ذاك إلا لأن الله يقول في كتابه الكريم: ﴿لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلونَ﴾، أنت أيها العبد المسلم باسم أنك مسلم أي مستسلم خاضع لدينك من تسائل أتسائل ربك ونبيك…. لماذا وعن ماذا وماذا يعني ولعله لغيري أو لعله ظني أو لعله ضعيف أو لعله موضوع أو لعله أو لعله لا، بل تسليم تسليم وإذعان إذعان: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾ قسم إلهي بنفي الإيمان عن كل من ادعاه بينما هو يعرف ويعلم الأحاديث والآيات والتشريع ولكنه يتمرد عليها بأي حجة كانت، ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم} في خواص أمرهم في ذواتهم في أي أشياء بسيطة حصلت بينهم وبين أسرهم، أو بينهم وبين أعمالهم، او بينهم حتى وبين أنفسهم، تحكيم لشرع الله، تحكيم لأمر الله، تحكيم لما وجب أن يحاكم إليه وهو بشرعه كتابًا وسنة: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾ حتى مسألة إحراج من الشرع أو الخوف أو يمكن التمرد أو لعل وعسى أو أي شيء من أمراض القلوب ضد الشرع أو عدم تسليم وإذعان به فقد نفى الله عنه الإيمان: ﴿ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾، وفوق هذا ويسلموا تسليما، إذعان لما جرى ولما حصل وللتحكيم القرآني والنبوي، هذا هو الطريق الأول… طريق من سلموا لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَما كانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا مُبينًا﴾، ﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا﴾… ولا نطيل في ذكر طريقهم ونماذجهم فالأمر يطول جدا…
- أما الطريق الآخر طريق أصحاب الشمال طريق المغضوب عليهم والضالين… أؤلئك الذين يدعون الإسلام ثم يرفضونه برفض نصوصه وبالجدال فيها وبالتنازع عليها وبتركها في أقل أحوالهم إن لم يطعنوا في مسلماتها بدواعيهم القذرة وبحيلهم الشيطانية، {وَإِنَّ الشَّياطينَ لَيوحونَ إِلى أَولِيائِهِم لِيُجادِلوكُم وَإِن أَطَعتُموهُم إِنَّكُم لَمُشرِكونَ﴾ سواء باسم القراءة الجديدة للنصوص الشرعية، أو باسم التجديد للنصوص، أو باسم مناسبته للعصر الحديث، أو قل لأنه لا يوافق الثقافة الغربية، لأنه دين الله لا دين أمريكا ولا روسيا ولا أي شيء من أوروبا، دين الله فوق كل الأديان، وفوق كل المخلوقات، لا لا يقول هذا ذاك الرجل إنما ما وافق هواه، وما وافق مربوبه البشري، وما وافق من يريد عدو الله يتبعه والا فلا يستجيب للأحكام الشرعية إلا ما وافق منها القيم الغربية أو يرفضها جميعها، أو على أقل أحوالها في بعضها، إما أن يدعي أنه يؤمن بالقرآن أو أنه يدعي عدم الإيمان لا بقرآن ولا بسنة…
- يندى له الجبين، وتحزن له أفئدة المؤمنين ما ما نرى من اعتراض صريح على الله تعالى ورد رفض لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل علن وصراحة…. بل قبل مدة اطلعني أحد الإخوة ممن يعملون معي من الشباب في إدارة الفتاوى الشرعية على أن أحد هؤلاء وهو مسلم مسلم كما يدعي وهو يقول في البي بي سي على الأنترنت اتحدى أي عربي أو عالم أو مسلم يعطينا نصـًا صحيحـًا صريحـًا في تحريم الخمر، الله الله والتحدي والشجاعة في قناة تنطق بالعربية لكنها بكلها غربية عبرية، الله والتحدي لرب العالمين جل جلاله الذين لم يفهموا الصحابة من قول الله في تحريم الخمر إلا التحريم الصراح ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾، وانظر {رجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ}، بل أكدها: ﴿إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهونَ﴾ فقالوا انتهينا وأراقوها في سكك المدينة حتى امتلأت أزقتها، ولم يناقشوا أو يتحايلوا ببيعها مثلا… لكن من نظر لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بأعين الغرب فلن يرى التحريم لأبد الأبد، ولم يفهم ولن يفهم، لأن القلب منكوس على الشراب الحقيقي والغرب المعنوي: ﴿قالوا سَمِعنا وَعَصَينا وَأُشرِبوا في قُلوبِهِمُ العِجلَ بِكُفرِهِم قُل بِئسَما يَأمُرُكُم بِهِ إيمانُكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾…
- لا هذا الرجل وحده، بل ما حدود الشريعة الإسلامية عند هؤلاء الا باطلة، من إضافات الفقهاء، ووحشية مقززة تشددية تعنتيه تخالف الفطرة ومتوحشة وإرهابية هكذا يقولون محظور أن تقول حد الردة أو حد السرقة أو ان ترجم الزاني والزانية هكذا وصلنا اليوم أن ترجم من أمر الله وأمر رسوله: {ولا تأخذكم بهما رأفة دين الله}، أن تقطع يد سارق لينزجر المجتمع أنت متشدد أنت لست بمتنور ولست بحداثي، أنت لست ليبراليـًا على أقوالهم، علمانيـًا على أديانهم، أنت ممقوت لانك لم تتبع سبيل الذين كفروا، أصبحنا على هذا ولربما يتربى أجيالنا على هذه الصفات والسفاهات والحماقات…
- أصبحت الحدود محل نظر عند هؤلاء وأصبحت الشريعة الإسلامية بما فيها من أحكام لا الحدود وحدها هي محل خوف بل حتى ليست الحدود وحسب بل حتى ما هو أمر مسلّم به كالصيام قالوا الصيام يضعف الإنتاج صاحب البقالة لن يأتي ويعطيه البسكويت وبالتالي الصيام باطل ومن زيادات الفقهاء، أي حمق وصلنا إليه ولا والذي نفسي بيده أن من تكلم بهذا ليس برجل عادي بل رئيس دولة قال الصيام يضعف الإنتاج فنريد فتوى من هنا أو هناك ونريد تضعيف لحديث ونريد نصًا غير صريح على أقوالهم ليتمردوا على شرع الله، فضلاً عن الربا الذي هو أحل من شرب الماء في الدول العربية والإسلامية ولا يوجد دولة عربية ولا إسلامية سوى واحدة الا وهي تعمل في بنوكها المركزية بالربا أي فظاعة وصلنا إليها وإي كارثة وجريمة أن نحارب الله جهاراً نهاراً وهو يقول عن الربا {فَأذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ...َ﴾ حرب نحاربه، مجتمعات، أفراد، دول، شعوب، أحزاب منظمات، مؤسسات… ثم يتهمون الإسلام بالتخلف بينما لم يحكم الإسلام الحقيقي في أي دولة عربية أو مسلمة منذ أكثر من قرن من الزمان إنما هم العملاء الأشرار الأقزام الأجراء أتباع العلمنة وأدواتها…
- أصبحت نظرة القوم في ظل العلمانية المتحكمة في الدول العربية القابعة على سلطاتها إلينا نظرة مهزلة واحتقار، بل أصبحنا في خوف وذعر فالسجون مليئة بالمجرمين ثم تمرد على الشريعة وخروج وبراءة… وكم سمعنا وكم رأينا وكم تحدثنا وكم قلنا، حتى وصل ببعضهم إلى أن يحرق أفراد اسرته حرقـًا وإعدامها ذبحـًا، وفي الأخير سجن لأيام أو لسنوات ورشاوى ولعب ثم خروج، وقفنا سدا منيعـًا أمام شرع الله… أي كارثة وصلنا إليها وأي بلاء نحن فيه…
- أيها الأخوة كيف نريد أن يرتفع منا نزل بنا بينما نحن نوقع أنفسنا في الهاوية ألم يقل الله ومن اصدق من الله قيلا: {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ أي فتنة نحن فيها، فتنة مالية سياسية اجتماعية، اقتصادية، ثقافية قل ما شئت وصلنا إليها بسبب ماذا؟ بسبب المخالفات الشرعية التي لا تعد ولا تحصى، {فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ وفتنة هنا نكرة والنكرة عامة من الحبة إلى القبة كلها فتن بسبب بعدنا عن منهج الله وعدم استجابتنا لأمره ونهيه…
- وأخيرا هذا رجل جاء إلى الإمام مالك فقال يا إمام من أين أحرم قال من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وإن زدت قال وإن زدت فاخشى عليك الفتنة، قال أي فتنة يا إمام وإنما هي أميال ازيدها فقط عبارة عن أشبار هنا وهناك، فقال وأي فتنة اعظم من أن تعتقد أن اختيارك لنفسك أعظم وأفضل من اختيار الله ورسوله له، أي فتنة اعظم من أن يقول الله افعلوا كذا وهو يتجه كذا وكذا، أي فتنة أعظم أن يختار الله لنا صراطه المستقيم ونتبع صراط هؤلاء وأولئك، اي فتنة نحن فيها وما هي المحنة التي نرجو أن يرفعها الله عنا وما أكثرها بينما نحن في بعد عن شرعه وهدي رسوله… .لا أطيل، أقول قولي هذا واستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إنه والله بقدر الإيمان الذي وجد في القلب سيوجد العمل بكتاب الله وبسنة رسوله، وعلى قدر بعد الإيمان عن القلب وابتعاد القلب أيضـًا عن الإيمان يكون التجاذب وراء الآخرين، ويكون التسكع وراء الضالين، ويكون الهرب من شرع رب العالمين، على قدر إيماننا يكون تسليمنا، وعلى قدر ضعفه أو انعدامه يكون انعدام الإيمان ويكون انعدام التسليم: ﴿آمَنَ الرَّسولُ بِما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ...}فهل فعلنا ذلك أم أننا أدعينا ما ليس فينا ولم نتبع شرع الله ونعمل به في تفاصيل أمورنا… ألا فلنحرز أنفسنا وأبنائنا وجميع أسرنا بشرع الله وبأمر الله ولنعلمهم النهي السوي ولنحذرهم من غيره أيما تحذير، فإن لم نفعل أخذهم غيرك لطريق الضلال ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾، فإما أن نجذب أنفسنا لربنا وإما أن تنجذب نحو غيره، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
تعليقات
إرسال تعليق